Wednesday, July 2, 2014

رسالة إلى روم المشرق المستعربين


أعزائي المستعربين ،

منذ أكثر من 100 سنة، ونحن نلعب دور الحرباء، اقنعنا أنفسنا أنه من أجل العيش بسلام في أرض أجدادنا، يجب علينا أن نقبل اعتماد ثقافة حضارة أجنبية. ومع ذلك، فإن أيام السلام والتعايش المشترك بدأت تتلاشى بسرعة. تتسارع الأحداث في جميع أنحاء بلادنا، ولا بد أن نسأل أنفسنا الى أين سيوصلنا دعمنا المتواصل للعروبة.  قد يشعر الكثير منكم بعدم الارتياح لهذا الطرح، ومُسائلة التزامنا بالحضارة العربية قد يبدو غير عقلاني، وربما إهانة، ولكن دعونا نفحص 
 حقا ما جلبت لنا العروبة نحن الروم

تاريخيا، لم يكن اسمنا عرب أبداً، ولا اسم أي مجتمع آخر في المشرق أصلا. قبل الحرب العالمية الأولى، كان مفهوم العروبة دخيلاً على سكان المنطقة. المثقفون الغربيون، والقوى العظمى، اخترعوا بدعة الشعب العربي، كوسيلة لزعزعة استقرار السلطنة العثمانية.  في نهاية  الحرب، خانت القوى العظمى العروبيين الموالين لها، وأبرمت اتفاقية سايكس-بيكو التي حددت حدود جديدة  للمشرق.

من داخل هذه الدول المصطنعة والجديدة  ظهرت وجوه مختلفة للعروبة.  أبرزها البعثية، عقيدة ميشال عفلق، المتأثر بالأيديولوجيات الأجنبية، مثل الماركسية والاشتراكية القومية. عفلق صور العرب، بنفس الطريقة الفاسدة التي صور بها هتلرالآرية.  من أجل تحقيق هذا الحلم، افترض عفلق بجهل، 'ان أي شخص ولد في الشرق الأوسط ويتكلم الللغة العربية هو عربي.'

بالنسبة لنا، هذا يعني تعريب ثقافتنا وهويتنا، لصالح الهوية "العربية" المبتدعة حديثاً بموافقة الغرب. لم يعد بامكاننا ان نعتبر أنفسنا هوية ثقافية اجتماعية متمايزة، وأصبحت هويتنا "روحية" فقط داخل "الأمة العربية" المنشأة حديثاً . ومقابل ذلك، وُعدنا بالحرية والمساواة مع الأغلبية المسلمة.  ولكن، بدلا من ذلك تسبب الواقع الجديد بهجرة جماعية من وطن أجدادنا.  الأغلبية الساحقة من  الذين هاجروا من لبنان وسوريا في بداية القرن 20 كانوا من الروم و الآشوريين/السريان.وهنا يجوز التساؤل: إذا كان مفترضاً من الأخوّة العربية أن تعطينا المساواة والحرية، فلماذا هربت الأغلبية الساحقة من أولئك الى الدول الغربية؟

وَعَدنا عفلق والعروبيون الآخرون أن العروبة سوف تحمينا من سيف للإسلام الظالم.  لكن حتى يومنا هذا، ما زال إخوتنا يقعون ضحايا الاضطهاد في جميع أنحاء بلاد الشام، وحتى في آخر معقل العروبة نفسها، سوريا. حيث المرتزقة الإسلاميين الأجانب، وما يسمى "اخوتنا العرب"، ويجبروننا مجددا على العيش كأهل ذمة.  ولم تمنع العروبة من أن نعتبر مواطنين من الدرجة الثانية.


أيام البكاء على الأطلال قد ولّت، فشلت العروبة في توحيد فسيفساء المجتمعات والطوائف الناطقة باللغة العربية في أمة واحدة. وقد نجح في رفض التعريب جميع البربر والأكراد والآشوريين والسريان.  كما تخلّى عنها المسلمون السنة لصالح الأمة الإسلامية. ألم يحن الوقت كي نقرر نحن أيضا، مستقبلنا ومستقبل أولادنا.

نحن، الروم المشرقيون، أحفاد السكان الأصليين لهذه الأرض، التي يسمّيها العروبيون والسوريون بلاد الشام. منذ حوالي 1400 سنة، نعيش تحت وطئ الاحتلال العربي، الذي وان غيّر لغتنا، لكنه لم يقدر أن يغيّر البصمة الثقافية والتاريخية التي تركها أجدادنا  في هذه الأرض. مجرد النظر للحدود الجغرافية لبلاد الشام،  بامكاننا الاستنتاج أنها حدود أبرشية الشرق.

اذا اعترفنا بالواقع أننا أمة ثقافية حضارية متباينة عن الآخرين، بدلاً من مجرد هوية روحية، لا يعني ذلك أننا نرفض التاريخ أو التراث المشترك للمنطقة  في محورها الفلسفي. العروبيون والسوريون على حد سواء، يركزون على تمجيد التراث الإسلامي كجوهر هويتهم. وهذا الخيار الفلسفي،  يؤدّي الى التعصب الديني والعقائدي الجامع لهاتين الأيديولوجياتين العلمانيتين.

إذا كان واحد بعثيّ عربي أو سوري قومي، مفهوم بلاد الشام أو سوريا الطبيعية مشابه جدا بينهما.  والعقيدتان تتشابهان في تمجيدهما للتراث الإسلامي في المنطقة ولقوة الاسلام الجامعة ثقافيا وتاريخيا. وذلك بائن في مصطلح بلاد الشام عينه. كلمة "الشام"، تعود إلى مدينة دمشق، التي حلت مكان أنطاكية كعاصمة ومركز الثقل الثقافي.

هذه الرسالة هي دعوة إلى الروم المستعربين ليستيقظوا.  كفانا تنكرا لمن نحن، وكفانا لعب لدورالمنافقين.  كيف يستطيع بعضنا أن يفاخر في مقاومته للإمبريالية الغربية، وأن يدافع بتعصب عن الهوية العربية التي ابتدعتها الإرساليات الأمريكية، والتي روجّت لها جمعيات أجنبية مثل "الفتاة" من فرنسا!

نحن يونانيون، ليس بمعنى أننا مرتبطون بالضرورة بطريقة أو بأخرى بالدولة اليونانية الحديثة، ولكن من ناحية التراث الرومي اليوناني المشترك.  وهذا التراث الغني والفريد مشترك بين جميع شعوب البحر، والمقدونيين، والإمبراطورية السلوقية، والإمبراطورية الرومانية.  عاصمتنا الأبدية هي أنطاكيا وليست دمشق عاصمة العرب في سوريا. أنطاكيا هي عاصمة الروم، وعاصمة الإمبراطورية السلوقية، وعاصمة أبرشية الشرق، والكرسي الحقيقي لبطريركيتنا!

الزعيم السوري القومي، أنطون سعاده، كان على حق عندما رفض اللغة والدين كخصائص مميّزة لشعبنا، ولكن خطأه كان في اعتبار الإسلام كقوة تاريخية موحّدة لنا.  مفتاح السلام والوحدة الحقيقة كان وسيبقى دائما الهلينية.

مع خالص التقدير والاحترام،
Seleukos
عملية أنطاكية