Sunday, October 19, 2014

الابادة المنظمة للانطاكيين في سوريا الرومية:



في عام 1860 خوفا من حدوث انتفاضة ناجحة مماثلة لتلك التي حدثت في اليونان، أثار الحاكم العثماني  المسلمين المحليين لمهاجمة  المسيحيين المقيمين في سوريا ولبنان.
 تعددت أسباب هذا الهجوم، ا ذ تم التلاعب بالسلطنة العثمانية من قبل العديد من القوى الخارجية، مثل القوى الامبريالية الأوروبية وروسيا، التي أرادت الاطاحة بالسلطنة ولكن بطريقة ما من دون أن تتضرر مصالحها.
 في تلك الحقبة لقّبت السلطنة العثمانية ڊ “The sickman of Europe” أو رجل أوروبا المريض وذلك بسبب انهيارها وقربها من نهايتها ، بدأت المجازر ضد المسيحيين في لبنان وعند وصولها الى الأحياء المسيحية في دمشق، كان قد وصل عدد الضحايا ال أكثر من 10000 فقدوا أرواحهم لمجرد كونهم روم.
كان بطريرك القسطنطينية المسكوني في ذلك الوقت يعيّن من قبل العثمانيين وهو بمثابة حاكم على أمة الروم ( حاكم على طائفة الروم الارثوذكس في المشرق).
وهذا البطريرك بدوره أعطي الحق من قبل السلطان العثماني لتعيين بطريرك أنطاكية. مع العلم أنّ بطريرك القسطنطينية نفسه عارض بشكل علني الحركة القومية اليونانية التي حررت اليونان من الاحتلال العثماني، وسبب ذلك فقدان بطريرك الفانار سلطته على شعبه ، حيث أن الفاناريوت كانوا تجار يونانيون من الفانار قد  اكتسبوا سلطة معيّنة في السلطنة العثمانية، ويحافظون على مناصبهم من خلال استعباد اخوانهم الروم وذلك من خلال التلاعب  بقرار الكرسي البطريركي في القسطنطينية.
 من هنا، كان من مصلحة البطريرك المسكوني تعيين بطريرك لأنطاكية يكون موالي له ولجماعة الفاناريوت.
الأنطاكيون لم يكونوا قادرين على تعيين بطريرك يمثلهم ، بسبب الأصوات الفاسدة المعارضة لهم في القسطنطينية .
كل هذه الوقائع بالاضافة الى الانتقام والرد العثماني على تحرير اليونان ، أدّت الى خلق نفور بين الانطاكيين الناطقين باللغة العربية وبين اليونانيين الموجودين في الوطن الأم .
التعريب الذي فرض على الأنطاكيين:
علم الأنطاكيون أنه ليس لديهم حلفاء في قضيتهم من أجل التحرر (خاصة أن الاتصال مع اليونانيين كان يتم عبر وسيط البطريرك المسكوني). فافتكروا بخطة استراتيجية رائعة في ذلك الوقت لخلق حليف محلي كي يتمكنوا من التحرر من الحكم العثماني والفاناريوت.
جنبا الى جنب مع المسلمين المعتدلين والعلمانيين تبنّوا ايديولوجية كان  قد روّج  لها التحالف الاوروبي الغربي في محاولة للقضاء على السلطنة العثمانية.
هذه الأيديولوجية هي ببساطة "القومية العربية" التي تعرّف العربي على أنه " كل شخص يتحدث العربية ويعيش في الشرق الأوسط" دون التطرق في الخصوصيات العرقية أو الدينية.
أثبتت هذه الخطة فعاليتها وبدعم من القوى الغربية انتفض العرب على الحكم العثماني، وخلقت ولاية "سوريا الكبرى" التي تضمنت محافظة هاتاي في وقتنا الحالي وسوريا ولبنان وأجزاء من فلسطين.
ولكون روسيا جزءً من الدول الأوروبية التي لها مصالح في غزو القسطنطينية ووضعها تحت السيطرة الروسية وليس السيطرة اليونانية، قامت بدعم هذه الحركة العروبية بالكامل وأصبحت الحامي للبطريركية الأنطاكية. ومن دون الدعم الروسي لكان استحال انتخاب بطريرك من الموالين للقومية العربية وهو (Meletius II) ميليتوس الثاني عام 1899.
الضربة الأخيرة للعثمانيين كانت تحالفهم مع دول المحور، وفي نهاية الحرب العالمية الأولى تم خلق الدول العربية الجديدة مثل سوريا والعراق والأردن وغيرها. لكن لم ينتهي الأنقسام بين الأنطاكيين عند هذا الحد. لاعتبارات ومصالح القوى الامبريالية الأوروبية  تمّ تقسيم الأنطاكيين الى أربع دول مختلفة: سوريا وتركيا (هاتاي/ اسكندرون، حتى أن القبارصة كانوا في البداية  تابعين للكرسي الأنطاكي) ولبنان وفلسطين .
فرّ غالبية اليونانيون المتبقين في أنطاكية الى سوريا بسبب الابادات الجماعية التي كانت تقوم بها تركيا المنشأة حديثا والقوميون الأتراك. اذ تم قتل أكثر من مليون يوناني وواحد ونصف مليون أرمني ومليون من الأشوريين والسريان وأعداد أخرى من الأقليات المسيحية.
حتى اليوم بالفعل العديد من الأنطاكيين في لبنان وفلسطين يرفضون الأصول العربية ، بينما في سوريا كانت الأحكام العرفية سارية المفعول منذ عام 1963 ، حيث أن الناس لا يتحدثون عن أصولهم خوفا من الظهور بمظهر المعارضين لحزب البعث الحاكم ( وهو حزب من القوميين العرب) أو خوفا أن يصبحوا مستهدفين على أنهم غير سوريين
في تركيا أي شيء يعارض القومية التركية يعتبر خيانة، وغالبا ما ينادون الروم الأنطاكيين بالمسيحيين العرب أو المسيحيين الأتراك أو حتى البدو.
في قبرص المحتلة، وما زال الأتراك يعتبرون الروم الأنطاكين المقيمين على ملّة الروم وكأنهم في أرض تركية، بالرغم أن قبرص قد اكتسبت السيادة والحرية باعتبارها الدولة اليونانية المستقلة
حرية الأنتماء (الأنتماء العرقي):
مؤخراً بدأ الأنطاكيون في لبنان وفلسطين يعاودون اكتشاف انتمائهم الثقافي الحقيقي أي الثقافة الرومية اليونانية المشرقية ، ولم لا؟
هؤلاء اليونانيون الآسيويون قدّموا للعالم واحدة من أكبر الموروثات الفلسفية والدينية : الأرثوذكسية الرومية (الأرثوذكسية الشرقية أو الأرثوذكسية البيزنطية).
مع تقدم الانترنت اليوم أصبح من الصعب اخفاء أو فرض الرقابة على الحقائق، أنطاكيو سوريا بدأوا يستيقظون ولو ببطء عندما اكتشفوا الحقيقة، وقد وجدوا أن تحالفهم مع المسلمين في اطار الحركات العربية قد فشل بسبب كونهم أهداف لجماعات مثل القاعدة وداعش .
أحفاد الانطاكيون  في سوريا ليسوا فقط أبناء طائفتي الروم الأرثوذكس والروم الكاثوليك، ولكن أيضا المسلمين. حتى العلويون (الطائفة الحاكمة) كانوا من الروم قبل أن يعتنقوا دين وحضارة العرب.
كيف من الممكن أن يزال الأنطاكيون يونانيون آسيويون وليسوا عربا أو أتراك ؟
تحت الحكم العربي بين عامي (630-1453) لم يكن من المسموح للمسيحيين ممارسة شعائرهم الدينية في الأماكن العامة كما أنه كان محظوراً الانتقال من الديانة الاسلامية الى المسيحية.
كذلك كان ممنوع على الرجل المسيحي أن يتزوج من النساء المسلمات ولكن كان مسموح للرجل المسلم أن يتزوج من النساء المسيحيات بشرط تربية أولادهم تربية اسلامية.
وقد طبقت هذه القوانين نفسها تحت الخلافة العثمانية. وقد كان الاعدام عقوبة الارتداد عن الاسلام . كان هناك القليل من المسيحيين العرب يتبعون للكرسي الأنطاكي ولكن هؤلاء يجب النظر اليهم على أنهم يشكلون وحدة متكاملة مع الأنطاكيين اليونانيين. لأن هؤلاء العرب المسيحيين عاشوا نفس الصعوبات، حيث تم اضطهادهم من قبل العرب المسلمين، وهم يعتمدون بشكل كامل على الثقافة الهيلينية (الأغريقية)، وينبغي أن يتم قبولهم هم أيضا على أنهم يونانيون آسيويون.
وهناك أيضا الآرميين الغربيين والأقليات السريانية والاشورية ولكن الأغلبية كانت من اليونانيين الآسيويين، حيث أن غالبية السريان بعد الأنقسام عام 451 م شكلوا الكنيسة الخاصة بهم.
حتى بعد الاحتلال العربي والعثماني، الكنيسة الأنطاكية اليونانية التي أعطيت الحق أن تكون بمثابة محكمة مدنية على شعبها لم تسمح بالزواج بين الانطاكيين والمسيحيين الآخرين في المشرق. قد يكون ذلك من أجل حماية اللاهوت أو شيء من هذا القبيل،  لكن لا يمكن الاجابة على هذا السؤال الّا من قبل الكنيسة.
في السنوات الأخيرة، حصلت محاولات كثيرة من أجل توحيد الكنائس المختلفة التي انشقت عن بطركية أنطاكية، وقد تمت الموافقة على الزواج بين مختلف المسيحيين.
بعد مجازر 1860 فقد العديد من الأنطاكيين الأمل من نهاية قريبة ل 1500 عاما من الاضطهاد لذلك قرروا الهجرة. العديد منهم هاجروا الى الولايات المتحدة حيث يمارسون شعائرهم الدينية بكل حرية تحت دستور الولايات المتحدة الأميريكية.
هؤلاء الانطاكيون وصفوا الامر بالشكل التالي "كان استيعاب المهاجرين السوريين في وقت مبكر ناجحا لدرجة انه أصبح من الصعب التعرف على أسلاف العديد من الاسر التي أصبحت أميريكة بشكل كامل".
أما أولائك اللذين حافظوا على تقاليدهم وتزوجوا وفق قواعد كنيستهم لم يصبحوا مثل أولائك اللذين من أصول انجليزية اسبانية على الرغم من وجهات نظرهم السياسية وتفضيلاتهم اللغوية. وهكذا الأمر بالنسبة لأولائك اللذين اختاروا الفكر العربي واللغة العربية فهم لا يزالون روم أنطاكيون يونانيون.
حول الكاتب:
الياس ميخائيل وهو رومي أنطاكي من سوريا، يقيم حاليا في السويد، وهو الممثل الرسمي لعملية أنطاكية  OA في الدول الاسكندنافية.
المصادر:
[1]http://en.wikipedia.org/wiki/Syrian_American

http://en.wikipedia.org/wiki/Siege_of_Damascus_(634)
http://en.wikipedia.org/wiki/List_of_Greek_Orthodox_Patriarchs_of_Antioch
Antioch A brief history of The Patriarchate of Antioch. Fr. Michel Najim T.L Frazier
http://en.wikipedia.org/wiki/Greek_War_of_Independence
http://en.wikipedia.org/wiki/Ottoman_Empire
http://en.wikipedia.org/wiki/Greek_Orthodox_Church_of_Antioch
http://en.wikipedia.org/wiki/Phanariotes
تمّ ترجمة هذاالمقال من قبل الياس كارافلوس.